القائمة الرئيسية

الصفحات

نبي الله هود (عليه السلام)

(بسم الله الرحمٰن الرحيم)
(( وإلى عادٍ أخاهم هوداً قال يٰقوم أعبدوا الله ما لكم من إله غيره أفلا تتقود )). الاعراف (الآية: 65)

نسبه:

هود بن عبد الله بن رباح بن الخلود من ولد سام بن نوح (عليه السلام). 
بعث الله الى قوم عاد نبيهم الكريم هود (عليه السلام) وكانو يسكنون الأحقاف - منطقة الاحقاف تقع في شمال حضرموت وموضع بلادهم اليوم رمال ليس فيها بشر أو زرع..
وقد ذكر القرآن الكريم اسم النبي هود سبع مرات وهونبي عربي.
(( واذكر أخا عاد إذ أنذر قومه بالأحقاف وقد خلت النذر من بين يديه ومن خلفه الا تعبدوا إلا الله إنى أخاف عليكم عذاب يوم عظيم )) (الاحقاف - ۲۱) 




وكانوا ذوي بسطة في الخلق، وأولي قوة وبطش شديد وكان لهم تقدم ورقي في المدنية والحضارة، ولهم بلاد عامرة وأراض خصبة ذات جنات ونخيل وزروع ومقام كريم 
قال تعالى: (( ألم تر كيف فعل ربك بعاد (٦) إرم ذات العماد (٧) إلتى لم يخلق مثلها في البلد (٨) )) (الفجر).
كان قوم هود (عليه السلام) طوال الأجسام أقوياء البدن وكانت مساكنهم الرفيعة ذات عماد وهو ما تعتمد عليه الأبنية، ويتمتعون بثروة طائلة ويتمتعمون بعيش رغيد وحياة رافهة فأبطرتهم النعمة، وغرتهم القوة، وتمادوا في الظلم والفساد وكانوا يمارسون القمع بعنف اعتزازاً بقوتهم وسطوتهم. إن القوة والنعم أصابتهم بالغرور والبلاء والاستعلاء وراحوا يتباهون ناسين أو متناسين بأن الإنسان الذي لايملك لنفسه موتا ولا حياة ولا بعثا ولا نشورا بأنه مخلوق ضعيف أمام الله تعالى.
إن النعم الإلهية إذا تيسرت للمؤمن العاقل انتفع بها وبذلها في سبيل الخيرات وازداد شكرا للمنعم وإخلاصا له، وإذا تيسرت للإنسان الجاهل طغى بها وبغى وأفسد لقد حذرهم هود (عليه السلام) كثيرا وطلب منهم الرجوع إلى الله المنعم وحذرهم من مغبة العصيان وعبادة الأوثان واقتراف المآثم، ولكنهم أصروا على عنادهم فما كان من الله العزيز إلا أن يهلكهم ويستخلف غيرهم في الأرض. 
ادى نبي الله هود (عليه السلام) رسالته على الوجه الأكمل واحتمل في سبيلها أنواع الشدائد وتعرض لشتى التهم الكاذبة والاعتراضات الساذجة لقد اتهموا هود (عليه السلام) بالسفاهة وخفة العقل وذلك لأنه يخالف رأيهم الفاسد وكانوا يظنون أنه كاذب ويلصقون به الكذب.
كانت اعتراضاتهم واهنة لاتعتمد على دليل فقد اعترضوا على بشرية النبي ومنشأ هذا الاعتراض هو تخيلهم أن الرسول يجب أن يكون من جنس أرفع وأعلى. 
ولقد بلغوا من العناد واللجاج والكذب في سوق اعتراضاتهم أن ادعوا أن نبيهم لم يأت بحجة واضحة ودلالة كافية على صحة مايدعو اليه – ((قالوا يهود ما جئتنا ببينة)) (هود 53) – ولكن السر في هذا الكذب قد بان بقولهم - ((وما نحن بتاركي ءالهتنا عن قولك)) - اذ كيف يستجيبون لما يخالف أهواءهم الفاسدة وعقولهم المتحجرة. 
أما الاتهام بالسفاهة والكذب فاجاب عنها بقوله: (( قال يقوم ليس بي سفاهة )) (الأعراف: 67). 
 ففي قوله: (( وأنا لكم ناصح أمين )) (الأعراف: 68) رد لكلا الاعتراضين وهو انه ناصح وليس بسفيه، أمين وليس بكاذب. 

إن من مميزات أنبياء الله ورسله هو الكفاح وتحدي الأعداء والشجاعة في أمر التبليغ من دون أن يتسرب الخوف الى قلوبهم، وهذا ما نشاهده في موقف نبي الله هود مع طغاة قومه، معلنا براءته من آلهتهم التي زعموا أنها مسته بسوء أفقده عقله، وخاطبهم بأنه لايخشى أذاهم ومكرهم على الرغم من جبروتهم وشدة بطشهم، قال سبحانه وتعالى واصفاً هذا الموقف الشجاع والحالة الروحية السامية ( إنى أشهد الله واشهدوا أني برىء مما تشركون » (هود: ٥٤).
ومن أعظم آيات الأنبياء أن يكون الرسول وحده فيقول لهم (كيدوني) ، فلا يستطيع واحد منهم ضره وكذلك قال نوح لقومه ، (( فأجمعوا أمركم وشركآءكم )) (يونس - ۷۱) 
ومثل هذا القول لايصدر إلا ممن هو واثق بنصر الله وبأنه يحفظه منهم ويعصمه من أذاهم وهذا هو منطق نبينا محمد (صل الله عليه وسلم) فيما حكاه قوله تعالى: (( أدعوا شركاءكم ثم كيدون )) (الأعراف: ١٩٥). 
قال هود (عليه السلام) مخاطبا قومه: ( ويقوم أستغفروا ربكم ثم توبوا إليه يرسل السمآء عليكم مدرارا ) (هود:٥٢). 
وفي هذا أسوة لكل مصلح إلهي، فعليه أن يدخل من باب التذكير بالنعم المرجوة، ثم الوعد بالمزيد من النعم الذي هو رهن الى الله . 
لقد امتاز بالصلابة في الموقف، وعدم التردد والمساومة مع الأعداء في القضايا المهمة التي تتصل بالمبدأ والعقيدة والسر في هذا الحزم هو توكله على الله تعالى: (( إنى توكلت على الله ربي وربكم ما من دآبة إلا هو ءاخذ بناصيتها )) (هود: 56). وهذه الخصائص بارزة في حياة الأنبياء كافة، ولا سيما الخاتم (صل الله عليه وسلم) الذي أمره الله أن يقول: (( قل يأيها الكافرود (١) لا أعبد ما تعبدون (٢) ))  (الكافرون). 
يتضح من القصة أن الغنى والثروة والقوة من نعم الله سبحانه، التي يستوجب شكرها واستعمالها في ما يرضي الله تعالى واستثمارها في كل مايعود على الفرد والمجتمع من خير ورقي وتقدم. 
وقد يساء استعمال هذه النعم، باتخاذها وسائل الى اللهو والعبث والاستغلال والاستعلاء على الآخرين واستعبادهم والبطش بهم ولا شك في أن من يفعل ذلك فمصيره إلى الهلاك والزوال مهما تعاظمت قوته، وصفحات التاريخ - القديم والحديث - مملوءة بالشواهد على النهاية المأساوية للأمم الطاغية (ومنهم قوم هود) قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب (ع):
( فاعتبروا بما أصاب المستكبرين من قبلكم من بأس الله وصولاته، ووقائعه ومثلات، واتعظوا بمثاوي، خدودهم، ومصارع جنوبهم).
فقد أهلك الله قوم هود إذ تلبدت السماء بالغيوم فقالوا هذه غيوم تحمل لنا السحاب هود (عليه السلام) بل هو العذاب الذي أنكرتم وقوعه واستعجلتموه، فأرسل الله عليهم ريحاً تهلك كل شيء سبع ليال وثمانية أيام. وأتبعهم لعنة واعتزل هود (عليه السلام) ومن معه فأجابهم . من المؤمنين في حظيرة فلم يصبهم عذاب الله بشيء وإنما يدخل عليهم منها ما تلذ به أنفسهم، فتحملهم ثم تدق اعناقهم.

انتهى الموضوع ...

تعليقات

التنقل السريع