القائمة الرئيسية

الصفحات

طرق النجاة 

قال رسول الله (صل الله عليه وسلم)
(من نفس عن مؤمن كربة من كرب الدنيا نفس الله عنه كربة من كرب يوم القيامة ، ومن يسر على معسر يسر الله عليه في الدنيا والآخرة ، ومن ستر مسلماً ستره الله في الدنيا والآخرة ، والله في عون العبد ما كان العبد في عون أخيه ، ومن سلك طريقا يلتمس فيه علماً سهل الله له به طريقاً إلى الجنة ، وما اجتمع قوم في بيت من بيوت الله يتلون كتاب الله ويتدارسونه بينهم إلا نزلت عليهم السكينة ، وغشيتهم الرحمة ، وحفتهم الملائكة ، وذكرهم الله فيمن عنده ، ومن أبطأ به عمله لم يسرع به نسبه) .
صدق رسول الله (صل الله عليه وسلم) .



شرح الحديث الشريف 

يعامل الله سبحانه الناس على قدر ما يعاملون هم غيرهم فإن رفق المؤمن بأخيه رفق الله به. قال رسول الله (صل الله عليه وسلم): (من لايرحم الناس لا يرحمه الله) فالذي ضاقت عليه الحياة وطغت عليه الأزمات يحتاج الى أية مساعدة من أخوانه المؤمنين تعينه وتفرج ضيقه وتذهب كربته وتخفف عنه أزمته. وفي مثل هذه الأمور يظهر دور المسلم الصادق في إيمانه فيسارع إلى تخفيف ألم أخيه وحرجه.. بالمال.. وبالكلمة الطيبة والرعاية الأخوية له ولأبنائه وأسرته، فإذا ما عمل المؤمن ذلك خلف الله عنه كرب يوم القيامة وأهوالها وشدائدها.
وقد يضطر المسلم إلى الاقتراض (الاستدانة) من أخيه المسلم، وقد يعجز المفترض عن إيفاء الدين في وقته فيل خره بسبب ضيق حاله، فكم هو رائع أن يتنازل الدائن لأخيه المدين عن بعض الدين أو كله أو يمهله، أو في الأقل يفرقه (يقسطه) عليه تقريباً أو تخفيفاً من أخيه المسلم فالله عز وجل بيسر عليه في الدنيا والآخرة قال (ص): (من أنظر معسراً أو وضع عنه أظله الله في ظله يوم لا ظل إلا ظله) والإنسان غیر معصوم من الخطأ، فإذا زل فيجب على المسلم ستر أخيه المسلم.. بل يجب التطوع لإرشاده فقد يكون في ذلك فرصة له للعودة إلى الصواب والرشاد فالله سبحانه وتعالى لا يريد أن تشيع الفاحشة بين المؤمنين قال تعالى:
{ إن الذين يحبون أن تشيع الفحشة في الذين امنوا لهم عذاب أليم في الدنيا والآخرة والله يعلم وأنتم لا تعلمون }(النور/ ۱۹).

(هذا إذا كان الإنسان صاحب الزلة من أهل الحياء) أما إذا كان فاحشاً متعمد المعصية مجاهراً بفعلته فلا يجوز ستره ولا سيما لتحذير المؤمنين من شره. وجزاء من ستر المسلم أن الله يستر عيوبه في الدنيا والآخرة، قال (صل الله عليه وسلم): (لا يستر عيد عبدا في الدنيا إلا ستره الله يوم القيامة) يهيئ له الطرف الذي يمنع الناس من الإطلاع على ألا يعلمه عنه أحد. وفي يوم القيامة يغفر له ذنوبه ويتجاوزها فيستر بذلك عليه. وهكذا ما دام الإنسان ممتلئ القلب بالود طاهر النفس، عامر الشعور بالخير معيناً للناس قدر ما يستطيع فإن الله يعينه على قضاء حوائجه ورغباته الشريفة. 
ولما كان العلم هو العامل الأساسي في تعرف الخير ومحاولة التمرس به.. وهو الذي يهذب العقول والنفوس ويرفع مكانة العيد عند الله ويوضح شريعة الله له. وبالعلم ترتقي الأمم وتسعد الأوطان وترتقي الشعوب ذرى المجد، ومن دونه يكون التخبط والضلال.. لهذا كله: قدر المسلمون العلم حق قدره فأقبلوا عليه بشغف وحماس، والقرآن الكريم بحثهم على ذلك ويطلب المزيد.. قال تعالى: ( قل هل يستوى الذين يعلمون والذين لا يعلمون ) (الزمر: 9)

وفي الأثر: (اطلب العلم من المهد إلى الأحد). فالإسلام إذن، أراد العلم وشجع عليه ، بل فرض على المسلمين طلب العلم، قال (صل الله عليه وسلم): 
(طلب العلم فريضة على كل مسلم)، وكانت مساجد المسلمين تغص بطلاب العلم.. يعكفون على كتاب الله وسنة نبيه. بالدرس والتتبع حتى تبغ منهم رجال أغنوا هذه الأمة والحضارة الإنسانية بفيض غزير من علوم الشريعة والفقه والهندسة والكيمياء والرياضيات والطب والتاريخ والفلك وغيرها، ولا شك في أن العلم الذي يحث الإسلام على طلبه هو العلم النافع الديني والدنيوي الذي يغرس الإيمان في القلوب ويهدي للصلاح ويحقق النفع للناس، وأولها كتاب الله مصدر كل العلوم ومجمعها. ولذا فالذين يتدارسون كتاب الله ويتفقهون في نصوصه وأحكامه وعدهم الله بتكريم وتعظيم لا تطيق العقول تصوره، فتنزل السكينة في قلوبهم. فتملأ جوانحهم بالسعادة وتزيل القلق والتعب الروحي منهم فالرحمة الإلهية تغشاهم. وتغسل آثامهم وتمحو ذنوبهم، وقد أثبت القرآن الكريم حضور الملائكة للاستماع في مجلس القرآن فالملائكة يحيطون بهم ويفهمون جوهم نوراً وأنساً، والله سبحانه يباهي بهؤلاء المؤمنين ملائكته ويذكرهم بالخير والثناء؛ لأنهم عرفوا طريقهم وسيطروا على أهوائهم فما أطيب مجالسهم، مجلس العلم، مجلس كتاب الله الكريم. 
الإيمان والعمل الصالح، هما طريق النجاة وهما سبيل العبور إلى الجنة والخلاص من النار، قال رجل لرسول الله (ص): قل لي في الإسلام قولا لا أسال عنه أحداً : قال: (قل آمنت بالله، ثم استقم) فالعبرة في تقويم الإسلام بالإيمان والعمل لا بالأمل فمن لايعمل الصالحات التي أمر الله بها والتي تؤدي إلى إصلاح نفسه، وتقع الناس، فلا يغني عنه في الآخرة نسبه ولايغني عنه أيضاً المارة الإسلام فقط. 
والذي يعتمد على نسبه فقط ويظن أنه بنسبه تعلو مكانته عند الله - فقد أخطأ وأضاع عمره بما لا ينفع وصدق الله العظيم إذ يقول:
{ فإذا نفخ في الصور فلا أنساب بينهم يومئذ ولا يتساءلون(١٠١) فمن ثقلت موازينه، فأوليك هم المفلحون (١٠٢) } ( المؤمنون/ ۱۰۱-۱۰۲)

وبهذا فلا تفاخر بالجنسيات ولا بالعصبيات ولا تعايز بالألوان، وإنما التفاضل بالتقوى والعمل الصالح .


انتهى الموضوع ...

تعليقات

التنقل السريع