القائمة الرئيسية

الصفحات

أكبر الكبائر 

قال رسول الله (صل الله عليه وسلم)
(ألا أنبئكم بأكبر الكبائر ؟ ثلاثا. قلنا: بلى يا رسول الله. قال: الإشراك بالله، وعقوق الوالدين، وكان متعنا فجلس، فقال: ألا وقول الزور، وشهادة الزور فما زال يكررها حتى قلنا ليته سكت). صدق رسول الله (صل الله عليه وسلم)




شرح الحديث 

1- يحذرنا النبي (صل الله عليه وسلم) من ارتكاب الذنوب صغيرها وكبيرها، وفي هذا الحديث الشريف حدد الرسول ذنوبا كباراً وحذر من ارتكابها.. وأولها الإشراك بالله: 
وهو أن يجعل المشرك مع الله إلها آخر غير الله سبحانه.. وهذا ذنب كبير ومعصية لاتغتفر، فشعار الإسلام، وأهم أركانه: الشهادة بأن (لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله).. فلا يوجد غير الله إله.. وعقاب المشرك بالله.. النار، وقال تعالى:
( إن الله لا يغفر أن يشرك به، ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء ) (النساء /48) 
فالله سبحانه وتعالى واحد أحد ليس له شريك في ملكه قال تعالى :
{ قل هو الله أحد الله الصمد } (الاخلاص/۱-۲). 
ولو كان معه شريك لفسد الكون قال تعالى: { لو كان فيهما ءالهة إلا الله لفسدتا فسبحن الله رب العرش عما يصفون } (الأنبياء: ٢٢).
ويدعي بعض المشركين جهلاً وتجنيا أن الله سبحانه ابنا .. فيرد عليهم سبحانه: 
{ ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحن الله عما يصفون } (المؤمنون /۹۱).

والإسلام الحنيف يدعو المسلم إلى التأمل والنظر في نفسه وفي كل ما يحيط به من مخلوقات لينتهي بتفكيره إلى أن الله هو الخالق للكون وما فيه.. ومن عرف نفسه عرف ربه والله سبحانه يريد من الإنسان أن يتطلع إلى أسرار الخلق ونشأة الكون ونظامه ليدرك علة الخلق وغاياته. فيهتدي بالنتيجة إلى معرفة الخالق. 
فخلق الكون ودقة نظامه وتدبير أمره وأمر الكائنات فيه، من أعظم الأدلة على وحدانية الصانع، إذ لايعقل أن تصدر الكائنات عن أكثر من مدير ثم تأتي كلها متناسقة متماسكة تسعى إلى غاية واحدة من دون خلل أو تناقص. والبشر بلاشك، عاجزون عن إدراك ذات الله المنزهة عن الشبيه والمثل. فحواس البشر كلها عاجزة عن معرفة الكثير من الأشياء المحيطة بالإنسان نفسه وإدراكها على الرغم من بساطتها ووجودها. فهذه الحواس إذن، أضعف من أن تعرف ذات الله المنزهة التي لاشبيه لها. 
أما صفات الله تعالى فهي معروفة ومعلومة، أرشد إليها القرآن الكريم، كالقدرة والسمع، والبصر وغيرها من الصفات، قال تعالى:
{ إنما أمره إذا أراد شيئا أن يقول له كن فيكون } (يس/۸۲).

وقال تعالى: { إنه هو السميع البصير } (الاسراء /1).

وهذه الصفات موجودة في الله تعالى بالكيفية التي تليق بمقامه تبارك وتعالى. ومن الكبائر التي أشار إليها الحديث الشريف: عقوق الوالدين.. فكما أن الكفر إنكار للفطرة الانسانية والطبيعة البشرية المؤمنة بخالقها فكذا عقوق الوالدين إنكار لإحسان الوالدين وحقهما الطبيعي في الرعاية والكفالة من الأبناء، فإنكار هذا الحق: عقوق وكبيرة من الكبائر. 
روي أنه أقبل رجل الى النبي (صل الله عليه وسلم) فقال: أبايعك على الهجرة، أبتغي الأجر من الله تعالى قال (صل الله عليه وسلم): (فهل من والديك أحد حي؟) فقال نعم بل كلاهما، قال: (فتبتغي الأجر من الله تعالى ؟) قال نعم، قال: (فارجع إلى والديك فأحسن صحبتهما) والله عز وجل أمر المسلم بعبادته، أولا والإحسان للوالدين ثانياً.. قال سبحانه: { وقضى ربك ألا تعبدوا إلا إياه وبالوالدين إحسنًا إما يبلغن عندك الكبر أحدهما أو كلاهما فلا تقل لهما أف ولا تنهرهما وقل لهما قولا كريما (٢٣) وأخفض لهما جناح الذل من الرحمة وقل رب ارحمهما كما ربياني صغيرا (٢٤) } ( الاسراء/٢٣-٢٤) والرسول (صل الله عليه وسلم) أمر المسلمين في هذا الحديث الشريف وفي أحاديث كثيرة ببر الوالدين قال (صل الله عليه وسلم): (أفضل الأعمال بر الوالدين) وقال (صل الله عليه وسلم): في حديث آخر عندما سأله رجل: أي العمل أحب إلى الله عز وجل ؟. قال (الصلاة في وقتها) قال ثم أي؟ قال (بر الوالدين) قال ثم أي ؟ قال (الجهاد في سبيل الله). فالوالدان يربيان الابن ويتعبان ويشقيان من أجله ويتحملان صنوفا مرة في سبيل تربيته وتعليمه وتقويمه والأخذ بيده حتى يكبر ويبلغ.. فالجدير بالابن أن يجازي الإحسان بالإحسان، قال تعالى:
{ واعبدوا الله ولا تشركوا به شيئا وبالوالدين إحسنا } (النساء/36). 
والكبيرة الثالثة التي أوردها الحديث الشريف (شهادة الزور)

فالرسول (صل الله عليه وسلم) كان يتحدث وهو متكئ، فلما قالها اعتدل في جلسته تنبيهاً على خطورة شهادة الزور وإثمها وقبحها ثم كررها مراراً.. أمام المسلمين تأكيداً، وزيادة في التنبيه على إثمها وخطورة نتائجها على الأمة. فإنها مقرونة بالشرك بالله وعقوق الوالدين.. لما فيها من إيذاء للمسلمين وتضليل للحاكم ونشر للفساد. وشاهد الزور في النار؛ لأن فعله ذنب كبير يجافي العدل الذي نادى به الإسلام مراراً وتكراراً وحذر قال تعالى: { واجتنبوا قول الزور } (الحج/30). 
وشهادة الزور تعني ظلم المسلم وانتهاك حقوقه، قال تعالى:
{ ألا لعنة الله على الفيلمين } (هود/ ۱۸)
وقال (صل الله عليه وسلم): (المسلم أخو المسلم لا يظلمه)، وقال (صل الله عليه وسلم) أيضاً: (الظلم ظلمات يوم القيامة). 


انتهى الموضوع ...

تعليقات

التنقل السريع